السبت، 1 يوليو 2017

ماذا سيقول الامام الخميني عن الحشد الشعبي؟

ترى لو كان الإمام روح الله الموسوي الخميني حيا بيننا اليوم، وأراد إصدار بيان عن دور ومنزلة الحشد الشعبي.. فهل يكون فحواه غير هذا؟.. فقط قم باستبدال كلمة (التعبئة الشعبية) ب (الحشد الشعبي).. فهل ترى من أوصاف بحق الحشد الشعبي أجمل مما جاء في بيان الإمام (قدس سره)؟!

*ملاحظة:
1. كلمة (التعبئة الشعبية - بسيج) في إيران الولاية بمعنى (الحشد الشعبي) في العراق..
2. الإمام الخميني أصدر بيانه بعد انتهاء الحرب وقبل أشهر على رحيله..

التاريخ 2 آذر 1367هـ. ش / 12 ربيع الثاني 1409هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الموضوع: دور ومنزلة (قوات التعبئة الشعبية)
المخاطب: الشعب الإيراني وقوات التعبئة االباسلة

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شك في أن تشكيل قوات التعبئة الشعبية في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان من البركات والألطاف الإلهية التي منّ بها الله سبحانه على الشعب العزيز والثورة الإسلامية الإيرانية.

في خضم الأحداث المختلفة التي أعقبت انتصار الثورة لا سيما الحرب، نهضت المؤسسات والفصائل المختلفة بمهمة الدفاع عن البلد وصيانة الثورة الإسلامية، متفانية في الإيثار والتضحية والإخلاص والاندفاع نحو الشهادة. ولكن إذا أردنا حقاً إعطاء مصداق متكامل للإيثار والتضحية والإخلاص والعشق للإسلام ولذات الحق المقدسة، فليس هناك أصدق من قوات التعبئة والتعبويين.

التعبئة شجرة طيّبة ونافعة ومثمرة، يفوح من براعمها عبير ربيع الوصال وطراوة اليقين وحديث العشق..

التعبئة مدرسة العشق ومذهب الشاهدين والشهداء المجهولين حيث رفع أبناؤه من فوق مآذنه الشامخة أذان الشهادة والهداية..

التعبئة ميقات الحفاة ومعراج الفكر الإسلامي الطاهر، حيث حصل المتربّون في أحضانه على الاسم والشهرة في السرّ والخفاء..

التعبئة لواء الله المخلص الذي وقّع بيان تأسيسه جميع المجاهدين من الأوّلين إلى الآخرين..

إنّني أتفاخر دائماً بإخلاص وصدق التعبويين، وأطلب من الله تعالى أن يحشرني مع أحبّائي التعبويين. فما أفخر به في هذه الدنيا هو أنّي أحد التعبويين..

إنني أقول مرة أخرى لأبناء الشعب الإيراني العظيم ولكافة المسؤولين، بأنه لمن السذاجة حقاً أن نتصوّر بأن ناهبي العالم لا سيما أميركا والاتحاد السوفيتي، كفّوا أيديهم عنّا وعن الإسلام العزيز.. يجب أن لا نغفل لحظة واحدة عن كيد الأعداء؛ فالحقد والعداء للإسلام المحمدي الأصيل (صلّى الله عليه وآله وسلم) يموج في كيان وطباع أميركا والاتحاد السوفيتي.. فلا بدّ من التسلح بسلاح الصبر والإيمان الفولاذي لتحطيم أمواج الأعاصير والفتن، والتصدّي لسيل الآفات.

إن الشعب الذي يحثّ الخطى على نهج الإسلام المحمدي الأصيل (صلّى الله عليه وآله)، ويناهض الاستكبار وعبادة المال والتحجّر والقداسة الزائفة، يجب أن يكون جميع أبنائه من التعبويين، وأن يحرصوا على تعلّم فنون القتال، فالشعب العزيز والخالد هو الذي تتحلّى الغالبية من أبنائه بالاستعداد العسكري المناسب لمواجهة المخاطر في اللحظات العصيبة.

باختصار، إذا ما خيّمت أجواء الفكر التعبوي المؤنس على بلد ما، سيكون مصاناً من أطماع الأعداء والناهبين الدوليين، وإلا ينبغي توقّع حادثة في كل لحظة. ولهذا يتحتّم على (التعبئة) مواصلة نشاطها كما في السابق بقوة واطمئنان. وإن اكثر التشكيلات ضرورة اليوم تعبئة الطلبة الجامعيين وطلبة العلوم الدينية. فمن واجب طلبة العلوم الدينية وطلبة الجامعات الدفاع بكل قوة عن الثورة والإسلام انطلاقاً من مواقعهم، وينبغي لأبنائي التعبويين في هذين المركزين العلميين، أن يكونوا الحارس الأمين للمبدأ الخالد (اللا شرقية واللاغربية).

إن الجامعة والحوزة بحاجة اليوم إلى المزيد من الاتحاد والوحدة أكثر من أيّ موقع آخر. وعلى أبناء الثورة أن لا يسمحوا لأيادي أميركا وروسيا باختراق هذين الموقعين الحسّاسين مطلقاً. وإن التعبئة وحدها القادر على تحقيق هذا الأمر الهام. كما أن التوجيه العقائدي للتعبويين يقع على عاتق هاتين القاعدتين العلميتين؛ إذ ينبغي للحوزة العلمية والجامعة وضع الأطر الأصيلة للإسلام المحمدي الأصيل تحت تصرف التعبويين كافة. كما يجب على تعبويّي العالم الإسلامي التفكير بتشكيل الحكومة الإسلامية الكبرى وهو أمر ممكن، لأن التعبئة لا تقتصر وجودها على إيران الإسلامية. فلا بدّ من تشكيل خلايا المقاومة في مختلف أنحاء العالم والتصدّي للشرق والغرب.

لقد برهنتم خلال الحرب المفروضة بأن الإسلام قادر على فتح العالم بالإدارة الصحيحة والجيّدة. وعليه يجب أن تعلموا بأن مهمتكم لم تنتهِ بعد، فالثورة الإسلامية العالمية بحاجة إلى تضحياتكم، وأن بوسع المسؤولين ومن خلال دعمكم ومساندتكم فقط البرهنة لجميع المتعطّشين للحقيقة والصدق، بأنه بالإمكان تحقيق الحياة الكريمة المقرونة بالسلام والحرّية، بمعزل عن أميركا والاتحاد السوفيتي. إن تواجدكم في ميادين الصراع يؤدّي إلى اجتثاث الجذور المعادية للثورة في مختلف المجالات.

إنني أقبّل أياديكم فرداً فرداً أنتم طلائع التحرّر، وأعلم بأنه إذا ما غفل المسؤولون عنكم فسوف يصطلون بنار جهنم الإلهية.

أؤكّد مرة أخرى، أن الغفلة عن تشكيل جيش العشرين مليون، ستقود للسقوط في شباك القوتين العظميين.
إنني أتقدم بالشكر لكافة قوات التعبئة لا سيما قادتهم الأعزّاء، ولن أنسى صالح الدعاء لأبناء الإسلام الأوفياء هؤلاء.

أسأل الله تعالى أن يمنّ على شهداء التعبئة الأعزّاء المجهولين بنعمة مجاورة أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يمنّ على المعاقين الأعزّاء بالشفاء، وأن يعيد الأسرى والمفقودين الأعزّاء إلى وطنهم سالمين، وأن يضاعف كل يوم من عظمة وشوكة هذا الوجود الشعبي المقدس، الذين هم ّأنصار الإسلام العزيز وأعوان حضرة بقية الله الأعظم (أرواحنا لمقدمه الفداء).

والسلام عليكم ورحمة الله
2/ 9/ 1367
روح الله الموسوي الخميني
                      
المصدر: صحيفة الإمام، ج21، ص181