الخميس، 28 أبريل 2022

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء السادس)

والسبب الثالث يتعلّق بحرب تموز عام ٢٠٠٦، قال سماحته: في الأيام الأولى لهجوم إسرائيل على لبنان وصلتني رسالة من المرحوم سماحة آية الله العظمى بهجت وكانت رسالة مختصرة جدّاً: لا تقلقوا، ستنتصرون. ولم يوضح سماحته أكثر من ذلك. لكن بعد عدة أيام جاء اللواء قاسم سليماني وسلّمني رسالة فيها شرح مفصّل من الإمام الخامنئي، تعرفون اللواء قاسم سليماني! هو صديق مقرّب جدّاً من الدكتور قاليباف (رئيس بلدية طهران سابقاً). لم يكتفِ سماحة القائد في رسالته بإبلاغنا بشارة النصر بل قال سماحته أيضاً أننا سنتحول إلى قوة إقليمية وعسكرية.
لقد كانت ظروفنا صعبة لدرجة أنني بعد أن قرأت رسالة الإمام الخامنئي قلت للواء قاسم سليماني: لا نرغب بأن نصبح قوّة إقليمية، يكفينا أن نخرج من هذه المعركة سالمين.
لكن لم يطُل الأمر ورأينا كيف أنّ المقاومة انتصرت واحتفل حزب الله بانتصاره ونحن اليوم موجودون في المنطقة كقوّة لا يُمكن القضاء عليها.
والسبب الرابع هو فيما يخصّ زوال إسرائيل. قلت كلّ ما سبق لكي أحدّثك حول كتابك وتوقّعات سماحة القائد. قال سماحة السيد: بعد حرب تموز بدأنا التخطيط لمشروع إزالة إسرائيل. وجهّزنا حوالي العشرين مخطط. وكان أساس عملنا هو أنّ إخراج إسرائيل من الجنوب في لبنان استمرّ ١٨ عاماً. لذلك فإنّ دحر إسرائيل من فلسطين المحتلّة سوف يستغرق فترة زمنيّة أطول بكثير. كنا نجهّز مخططاتنا لإزالة إسرائيل في غضون الأعوام الثلاثين القادمة وذهبت إلى إيران حاملاً هذه المخططاتز
أجريت مرة أخرى نفس اللقاءات الاعتيادية وكان الجميع متفقين على أنّ مشروع إزالة إسرائيل يحتاج زمناً أطول.
إلى أن تشرفنا بلقاء سماحة السيد القائد وتحدثت إلى سماحته خلال هذا اللقاء حول هذه المشاريع العشرين والقرارات التي تم اتخاذها.
بعد استماعه لكلامي قال الإمام الخامنئي: حسناً، هذه المخططات ممتازة. ومهمّ جدّاً أن يكون لدينا الاستعداد والجاهزيّة لأيّ عمل. لكنّ ١٨ عام كثيرة أيضاً بالنسبة لزوال إسرائيل، وقال سماحته بحزم: سوف تزول إسرائيل أسرع من هذا.


قلت كلّ هذا لتعلموا أنّ توقعات الإمام الخامنئي التي صدقت كلها في السابق تحكي زوال إسرائيل قبل التاريخ الذي حسبتموه.
قلت لسماحته، بالمناسبة خلال لقائي بالإمام الخامنئي سألني عندما قدّمت كتابي لسماحته: حسناً، في أيّ سنة ستسقط إسرائيل؟ قلت وفق الحسابات ستسقط عام ١٤٤٤ هجري قمري أي ٢٠٢٢ ميلادي، فقال سماحته: هذا الوقت متأخر، نحن نأمل بأن تسقط أسرع من هذا الوقت.
ثمّ قلت للسيد نصر الله: حسب نصّ القرآن يخشى اليهود الموت والزوال بشدّة.
إلى أن يستغلّ القرآن هذه الخاصية الموجودة لديهم ويدعوهم للموت من أجل إثبات حقانيتهم.
فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين.

لذلك فلو وقع هذا الكتاب بشكل موسّع بيد اليهود حول العالم قد يستطيع أن يؤسس لموجة هجرة سلبية من فلسطين المحتلّة.

ردّ سماحته: لا ريب في أنّ إسرائيل إلى زوال. إسرائيل هي بيت العنكبوت نفسه الذي أطلقت بنفسي عليها هذا الإسم. يكفي أن تنشغل أمريكا بنفسها مدة من الزمن ولا تدعم إسرائيل. لا تستطيع إسرائيل مواصلة حياتها بعيداً عن دعم أمريكا.
طلبت من سماحة السيد أن يكتب ملاحظاته حول هذا الكتاب.
فأجابني بأنه سوف يطالع الكتاب بدقّة وسيكتب حوله بعض الملاحظات إن شاء الله. هذا الكتاب يملك القدرة على إلقاء الرعب والذعر النفسي في قلب إسرائيل ومن المهم أن يترجم إلى اللغة العربية والعبريّة ويُرسل به إلى كافة المواقع الالكترونية الإسرائيلية.

هنا فُتح الباب وجاء أحد الإخوة في حزب الله بالهدايا التي كنت قد جلبتها ووضعها على طاولة سماحة السيد.

قرآن ثمين جدّاً مخطّط بالخط النيريزي كنت قد كتبت على الصفحة الأولى منه بعض الجمل وأرفقته بإهداء لسماحة السيد. ما لفتني هو أنّهم كانوا قد قاموا بتمرير اصبع رطب على إحدى الجمل ليتفقدوه من الناحية الأمنية.
كما كنت قد جلبت لسماحته علباً من الحلوى الإيرانية وتقريراً حول مؤتمر ”صوت واحد مع القدس“ الدولي الذي افتتح برسالة سماحته.
ثمّ حان موعد قراءة أبيات من الشعر. قبل أن يحين موعد قراءة هذه الأبيات شكرني سماحته على تقديمي قميص الإمام الخميني ليقيم الصلاة فيه. وسردت لسماحته قصة تشرّفي بلقاء الإمام وتعميمي على يد سماحته و…ثمّ قرأت لسماحته أبيات الشعر التي كنت قد ألفتها قبل عشرة أعوام بعد الانتصار الكبير الذي حققه حزب الله في حربه مع إسرائيل ونلت جائزة عليها في مسابقة ”السلام على نصر الله” الدولية.

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء الخامس)

توقع السيد القائد بزوال إسرائيل يسبق ذلك، وتابع أنه وبعيداً عن علاقته التنظيمية والرسمية بالسيد القائد فإنه يكنّ ثقة وإيماناً خاصاً بسماحة القائد. وفي مطلع حديثه بيّن سبب ذلك فقال: سبب إيماني هذه بسماحة القائد أمور جربتها بنفسي مع سماحته وبعضها لم أطلع أحداً عليها:
1. السبب الأول كان حول موضوع إتفاقية السلام بين حافظ الأسد وإسحاق رابين المنعقدة آنذاك. كان الإتفاق في المراحل الأخيرة من توقيعه وإذا ما وقّع سيكون بمثابة كامب ديفيد ثانٍ.
وبحسب هذا الإتفاق ستتحرر مرتفعات الجولان وسينقطع الطريق الواصل بين لبنان وفلسطين.
وفي الحقيقة لو وقع ذلك الإتفاق كان طريق ارتباطنا بإيران سينقطع وسيخسر الحزب تواصله مع إيران بطبيعة الحال.
وتابع السيد: نحن أعتقدنا أن الإتفاق سيتم وأنه نهائي وبات مسلماً، ولأجل بحث العلاقة المستقبلية وطرق التواصل بين حزب الله وإيران سافرت إلى إيران.
في كل مرة كنت أذهب فيها إلى إيران كنت أترك زيارة سماحة القائد حتى النهاية، لكي أطلعه على فحوى سفري، وليكون اللقاء معه كحسن ختام لسفرتي.
وهذه المرة كان هدفي من زيارة إيران هون بحث موضوع إتفاقية السلام بين سوريا وإسرائيل هذه وحول القرار الذي يجب اتخاذه حول مستقبل حزب الله في حال وُقع هذا الإتفاق، في البداية اجتمعت بكل الجهات المختصة، الحرس الثوري ووزارة المخابرات، الرئيس خاتمي الذي كان رئيسا للجمهورية يومذاك وحتى مع السيد هاشمي رفسنجاني، وكان رأي الجميع بانه في حال وُقع الإتفاق يجب أن يتحول حزب الله إلى حزب سياسي ويجب أن ينهي جميع أنشطته العسكرية.
ولكن عندما تشرفت بلقاء السيد القائد عرضت عليه تقريراً شاملاً يلخص النتيجة التي وصل إليها كل من التقيت بهم والتي تقول بضرورة تحويل الحزب إلى حزب سياسي وإنهاء كل نشاطاته العسكرية.
بعد إنهائي للتقرير، أشار السيد القائد بيده مباشرة وبدون أي مقدمات قائلاً:
ليس من المقرر أن توقع إتفاقية السلام هذه، ولن تصل إلى أي نتيجة، ولا تقلقوا بشأن هذه الإتفاقية، أنتم لديكم حرب كبرى قادمة وعليكم مضاعفة قواتكم بثلاثة أضعاف، ووجهني بضرورة زيادة عديد حزب الله بثلاثة ألاف عنصر جديد. وقام بإعطاء توجيهاته للجهات المختصة في جلستنا بتأمين كل المستلزمات وزيادة الدعم بثلاثة أضعاف ما كان عليه.
عدنا نحن إلى لبنان وبعد عدة أسابيع وبطريقة لم تكن لتصدق قام يهودي متطرف بإغتيال اسحاق رابين وانتهت بمقتله إتفاقية السلام بين سوريا وإسرائيل، وبعد ذلك بسنوات شنّت إسرائيل حرباً على لبنان ولو لم يتخذ القائد قرار زيادة عديدنا بالتأكيد لم نكن سنستطيع مواجة إسرائيل.
2. السبب الثاني، كان حول موضوع مستقبل سوريا ومحور المقاومة في مرحلة ما بعد حافظ الأسد، قال سماحة السيد: كان مدافعاً عن محور المقاومة ولكن بسبب تقدمه بالسن ومرضه كان يمضي أيامه الأخيرة وكنا قلقين حول مرحلة ما بعد حافظ الأسد.
ولأجل بحث هذا الموضوع سافرت إلى إيران وعقدت هذه المرة أيضاً إجتماعاتي الروتينية مع بعض الشخصيات والجهات المختصة.
والجميع كان قلقاً حول مرحلة ما بعد الأسد وقلقنا كان جدّي لأنه كان هناك احتمال حدوث هرج ومرج وهناك احتمالات أخرى أيضاً، وفي كل اجتماع عقدته كنت أُسأل حول الأوضاع في سوريا والمحور بعد حافظ الأسد.
حتى التقيت بالسيد القائد.
وخلافاً للمتوقع لم يسألني سماحة القائد حول هذا الموضوع، فتعجبت كثيراً، ولم أستطع أن أخفي تعجبي هذا، فقلت له أن جميع من التقيته كان أول سؤال لديه حول موضوع سوريا ومحور المقاومة بعد حافظ الأسد، ولكن حضرتكم لم تذكروا شيئاً حول هذا الموضوع.
فتفضل: لأنني لست قلقاً على مستقبلكم بعد حافظ الأسد، وأنتم أيضاً لا تقلقوا الشخص الذي سيأتي خلفاً له سيكون مدافعاً عنكم أكثر من والده.
وحقيقةً هذا ما حصل، واليوم الرئيس بشار الأسد يدعمنا أكثر من والده.
وبعدها أعطى بعض الأمثلة عن دعم الرئيس بشار الأسد المستميت عن المقاومة.
والعبد لله قلت لسماحته مؤكداً أنني سمعت أن الرئيس بشار الأسد يضع صورتكم على مكتبه.
3. أما السبب الثالث فكان حول حرب الـ33 يوماً .

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء الرابع)

بعدها أردت أن أطرح موضوعاً آخر، فقال السيد: لماذا لم نستفد من موضوع واقع الفصل العنصري المهم هذا حتى الآن. وأشار إلى أن الحركات القومية العربية أولت هذا الموضوع اهتماماً في السابق ولكن نحن أيضاً علينا استغلاله.
قلت: الأخوة في جنوب إفريقيا لديهم خبرة واسعة في موضوع إقامة هذا الأسبوع، وأشرت إلى كتاب حول الضغط الذي يشكله موضوع الفصل العنصري على إسرائيل كتبه الدكتور فيروز عثمان، فكتب إسم الكتاب واتفقنا على أن أرسل له هذا الكتاب، فقال أنه سيدعو الإخوة لترجمته للعربية والعبرية.
وتفضل: بعض المواضيع من المهم جداً أن تطرح بشكل دائم، فمثلاً بعد انتصار حزب الله في أحد خطبي وصفت إسرائيل بانها كبيت العنكبوت، ناهيكم عن تأثير هذه الكلمة في تقويض روحية الإسرائيليين لا زال نتنياهو في أحد خطبه الأخيرة أمام البرلمان الإسرائيلي يتبجح بأننا سيثبت أنهم ليسوا بيت العنكبوت.
وهذا يثبت كم أن استعمال بعض المصطلحات في مكانها مؤثر في الحرب النفسية على العدو، ومصطلح الفصل العنصري هذا يمكن أن يكون له هذا التأثير أيضاً.
بعدها قال، لدي كلمة سألقيها بعد 15 يوماً بمناسبة الذكرى العاشرة للإنتصار وسأطرح موضوع الفصل العنصري عند العدو في خطابي.
وأكد السيد أنه موضوع مهم جداً ويجب أن نقيم أسبوع لهذا الموضوع في عالمنا العربي.
وأنا وعدته أنني سأجهز كل المستندات التي تثبت وجود فصل عنصري في إسرائيل خلال عدة أيام وسأرسلها له كي يطرحها في خطابه القادم. ووفقت في تجميع 70 صفحة من الدلائل والمستندات التي تؤكد وجود فصل عنصري في إسرائيل قبل أسبوع من الخطاب وأرسلتها لسماحته.
خطابه كان يوم السبت بتاريخ (23 مرداد) ولكنه لم يأتِ على ذكر الموضوع، فاستفسرت من الشيخ دعموش، فقال لي أنه قد لا تكون سنحت له فرصة لقراءة كل المستندات ولكن بالتأكيد سيطرح الموضوع في خطب لاحقة.
الإقتراح الثاني: طرحت موضوع ضرورة إنشاء تلفزيون لمحور المقاومة يتحدث بالإنجليزية، ووافقني الرأي حول هذا الموضوع ولكن أخبرني أن المانع أمام هذا الموضوع مادي.
فاقترحت أنه يمكن الإستفادة من إمكانيات قناة المنار كبداية ولاحقاً يمكن إيجاد داعم (sponser)، واقترحت عليه بأن يتفضلوا بعقد النية والله سيسر أمر المال، فسجل بعض الملاحظات حول هذا الموضوع أيضاً.
الإقتراح الثالث: طرحت عليه موضوع زوال إسرائيل من الوجود (كتابي حول هذا الموضوع كان قد وصل ليدي سماحته سابقاً) فقال لي أنه وضع هذا الكتاب جانباً لكي يقرأه ولكن بسبب كثرة اللقاءات لم تسنح له الفرصة بعد.
فقدمت له خلاصة عن الكتاب وعن تاريخه وبعض الأمو حول طريقة كتابته وتنقيحه من قبل المرحوم آية الله خزعلي.
وعن المدة المتوقعة لزوال إسرائيل عرضت عليه بعض الحسابات الرياضية في القرآن الكريم التي تستند على 37 معادلة رياضية، من عدة جوانب تشير إلى عام 1444 هجري قمري كموعد للزوال، فكان ينصت إلي بدقة عالية. بعد انتهاء الـ45 دقيقة المخصصة للقاء، رنّ الهاتف الذي يجاوره عدة مرّات كي يذكروه بالإجتماع التالي، ولكنه كان يجيب في كل مرة أنه لا زلنا نتكلم.
وفي الوقت الذي كنت أكمل له عن محتوى الكتاب رنّ الهاتف مرّة أخرى ولكنه لم يرفع سماعة الهاتف هذه المرة. وبعد أن أنهيت كلامي تفضل قائلاً: توقع السيد القائد هذا الأمر قبل ذلك، - تابع موضحاً عن ثقته بهذا الموضوع - سبب إيماني هذا بالسيد القائد أنني جربت عدة أمور معه بنفسي. فقال ما يلي: بعض هذه الأمور لم أقلها لأحد قط:

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء الثاني)

تشوّقت كثيراً واتصلت بسماحة الشيخ. قال لي: لقد تمّت الموافقة على إجراء اللقاء لكنّ اللقاء سيتم إما يوم الثلاثاء أو يوم الأربعاء. لكن فلتكن يوم الاثنين في بيروت ولتبقَ عدّة أيام للمشاركة وإلقاء كلمة في عدة مؤتمرات بمناسبة اقتراب حلول الذكرى السنوية العاشرة لحرب تموز.
كانت هناك عدّة مؤتمرات في طهران أيضاً، مؤتمر لإحياء ذكرى نلسون ماندلا، ومؤتمر النموذج الإسلامي الإيراني للتقدم، وجلسة علماء طهران الشهرية وشورى مستشاري المعاونية الاجتماعية الثقافية للبلدية لكنّ أيّاً من هذه لم تكن بأهمية اللقاء المهم والمصيري بسماحة السيد.
ولو أنّني كنت أرغب بشدّة بالمشاركة في مؤتمر ماندلا إلا أنّ الأمر حُلّ بإرسالي كلمة مصورة وحجزت تذكرة ذهاب إلى لبنان يوم الاثنين وعودة يوم الأربعاء.
استقبلني شخصان على باب الطائرة بحرارة.
وكانت الإقامة كما جرت العادة في فندق الساحة التابع للمرحوم آية الله العلامة السيد فضل الله، وهناك انتعشت ذاكرة الأيام التي قضيتها في لبنان.
حللنا ضيوفاً على مائدة الغداء عند سماحة الشيخ دعموش وذهبنا برفقة ميثم، دليلنا السياحي الذي عاش ١٢ عاماً في أمريكا وكان يجيد التحدث بالانكليزية لتناول طعام العشاء في مطعم على ساحل البحر الأبيض المتوسط. كان ميثم يذكر البعثة الأفريقية التي رافقها منذ عشرة أعوام وحتّى أنه كان يسمّي بعض أعضائها في بعض الأحيان.
كما انضمّ إلينا رائد، المسؤول عن الشؤون الأفريقية في العلاقات الدولية لحزب الله وقد انتخب مؤخراً رئيساً لبلدية إحدى المناطق في شرق لبنان. تناولنا السمك والتبولة والحمص والكباب اللبناني ونارجيلة النعناع.
 كما أنّني سلمتهم الهدايا التي كنا قد أخذناها معنا لسماحة السيد كي يتمّ فحصها من الناحية الأمنيّة.
صباح يوم الثلاثاء أخبرني الشيخ دعموش بأننا بانتظار تحديد سماحة السيد موعداً للقاء. فلتكن على السمع بعد ظهر اليوم. عدت ظهراً إلى الفندق لأستريح، بعد مدّة رنّ الهاتف فجأة. كان ميثم وأخبرني بفرحة عارمة أنّه قد حان موعد لقائك بسماحة السيد، كن جاهزاً.
قبل ساعة من غروب الشمس انطلقت مع ميثم باتجاه مكتب الشيخ دعموش.
كان الشيخ جالساً ينتظرني واعتذر مني عن القدوم لكونه إمام جماعة المسجد ولا يستطيع مرافقتي لكنّه قدم لي عدة توصيات. قال بأنّنا عرّفنا عنك بشكل دقيق لكنّ من الجيّد أن تشير إلى مساعدات مسلمي جنوب أفريقيا عام ٢٠٠٦ وإلى المؤتمر أيضاً.
كما أنّه قال بأنّ سماحته لديه لقاء مهم بعد لقائه بكم والوقت المحدّد هو ٤٥ دقيقة.
انطلقنا من مكتب سماحة الشيخ بسيارة خاصة مموّهة بالكامل. كما طلب مني السائق ومرافقه بمنتهى الأدب ومع الاعتذار بأن أسلم هاتفي النقال وكلّ ما أملك. كان من العجيب جدّاً بالنسبة إلي أنهم اكتفوا بهذا الأمر ولم يفتشوني. بعد لحظات انطلقت السياة ودخلنا بعد دقائق إلى سرداب عميق. ترجّل السائق وكنت أفكر بأنّنا قد وصلنا إلى الوجهة المحددة إلا أنّ السائق طلب مني باحترام بأن أبقى داخل السيارة.
بعد عدة دقائق فتح باب السياة وتم نقلي إلى سيارة أخرى وهذه المرة كانت المقاعد الأمامية مفصولة عن المقاعد الخلفية بستار بحيث أنني لم أكن أستطيع أن أرى ما هو أمامي. لكن السيارة كانت مضاءة. تبادلت كلمتين مع السائق، سلّمت عليه واعتذر مني بسبب هذه الإجراءات الأمنية الصعبة. انطلقت السيارة وتوقفت بعد دقائق في مكان آخر ونقلوني مرة أخرى إلى سيارة أخرى. هذه المرّة كانت السيارة معتمة بالكامل ولم تكن مصابيحها الأمامية مضاءة.
مع كلّ تبديل للسيارة كان السائقون يخفون وجوههم. بعد حوالي ال٥ دقائق توقفت السيارة أخيراً.
ثم بعد ثوانٍ فتح الباب وتمّ إرشادي إلى إحدى الكوريدورات التي تنتهي بمصعد كهربائي.
كان ينتظرني شخص هناك.
عاملني بمنتهى الاحترام واعتذر مني وأخذني إلى الطابق الثامن. فتح باب المصعد وخرج وأغلق باب المصعد علي على الفور وبعد أن أجرى مع رفاقه بعض الاجراءات الأمنية فتح باب المصعد وأرشدني إلى غرفة مستطيلية. كانت صور هذه الغرفة مألوفة بالنسبة إلي.
كان هناك على الطاولة التي تقع أمام مكان جلوسي وجلوس سماحة السيد بضعة حبات من التمر ومكعبات السكر ومقداراً من المخلوطة وعبوتي مياه.
كنت عطشاً وشربت قليلاً من ذلك الماء لاستحيائي من القيام بذلك أمام سماحة السيد.
لم يكن قد رفع الأذان بعد.
كنت منشغلاً بالحديث مع أحد الإخوة، وفتح الباب فجأة …

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء الثالث)

لم يكن قد رفع الأذان بعد. كنت منشغلاً بالحديث مع أحد الإخوة، وفتح الباب فجأة …

كان سماحة السيد شخصياً! انفجرت بالبكاء وكنت أودّ لو أنّني أبكي لألف عام…

وضعت رأسي على كتف سماحته وبكيت بشدّة. إلهي! لا أصدّق أنّني أعانق رجلاً ألحق الهزيمة بإسرائيل. بقيت أعانقه بضع لحظات وأخذت يده لأقبلها لكنّه سحب يده. توسّلته أن يسمح لي بتقبيل يديه ولعلّ دموعي أسعفتني وفعلت فعلتها وتمكّنت من تقبيل اليد التي صفعت وجه الكيان الغاصب. جلس بهدوء على الكنبة المواجهة لي ورحّب بي بمحبّة وكنت لا زلت أبكي وقلت حينها بعض الكلمات غير المفهومة.
تملّكت نفسي وقلت لها بأن إذا لم تسيطري على الوضع فسوف تخسرين هذه الفرصة الذهبية. دعي دموع الشوق لوقت آخر.. قلت لسماحته أعتذر لعدم تمكّني من السيطرة على دموع الشوق. أخبرته بأنّني جرّبت هذا الشعور مرّة عندما ذهبت لاستلام قميص الإمام الخميني والتعمم على يد سماحته. شكرني سماحته على أنني قمت سابقاً بإهدائه هذا القميص لكي يؤدي الصلاة به.
كان يتحدث الفارسية بسلاسة لكن بلهجة عربية.
ثم أخرجت ورقة من جيبي وبدأت بطرح بعض النقاط التي كنت قد دونتها على سماحته.
شكرت سماحته بداية على تفضله بقبول زيارتي له.
ثانياً شكرته على الرسالة التي وجهها للمؤتمر الدولي ”صوت واحد مع الأقصى“.
كما أنّني بلّغت سماحته سلاماً خاصّاً من كريمة الإمام الخميني السيدة الدكتورة زهراء مصطفوي.
ثمّ تطرّقت إلى الأنشطة التي قمنا بها في أفريقيا الجنوبية وشرحت لسماحته أهمية هذا البلد، وقلت له أنّ أفريقيا الجنوبية هي البلد الثاني عالمياً من حيث عدد السكان اليهود، وأخبرته بمدى دعم الحزب الحاكم والحكومة وشعب هذا البلد للمقاومة. كما قدّمت لسماحته تقريراً حول إقامة مسيرات يوم القدس هناك.
ثمّ وصلنا إلى الحديث حول المقترحات …
المقترح الأول: التطرق إلى نظام الفصل العنصري في إسرائيل.
أول مقترح قدمته كان أن يقام أسبوع لنظام الفصل العنصري في العالم العربي، وأشرت إلى وجود فصل عنصري لدى الكيان الصهيوني وشعرت بأنّ سماحته أدرك أهمية هذا الموضوع. ثم أشرت إلى أنّ أحد الوزراء الإسرائيليين قال بأنّنا قد لا نُهزم على يد حزب الله وإيران إلا أنّ الفصل العنصري قد يُزيل إسرائيل.
كما فصّلت في هذا الموضوع فأخذ سماحته ورقة A4 كانت إلى جانبه وملأ نصف الصفحة تقريباً ببعض النقاط حول قضية الفصل العنصري. كنت أهمّ بطرح الموضوع التالي فرفع الأذان وقال سماحة السيد إن كنتم موافقون فلنصلّي ونواصل بعد الصلاة.

أيّ صلاة هي هذه!
خلع سماحته عمامته ووضعها فوق عبائته ثمّ طلب مني بمنتهى التواضع بأن أتقدم عليه. وجاء بعدة أدلة. قال لي أنت سيد وشاعر والتقيت بالإمام الخميني وسحرني بتلك الابتسامة …
قلت له لا يمكنني ذلك وأخيراً وقف سماحته أمامي. كنت لوحدي خلفه وانضم أثناء الصلاة إلينا أحد المرافقين. قرأ الأذان والإقامة بهدوء وكبّر ٤ تكبيرات. كان سماحته يذرف الدموع بشكل متقطع أثناء الصلاة وكنت أنا أحاول منع نفسي من البكاء. انتهت صلاة المغرب وبعد تسبيحات السيدة الزهراء (س) وقف سماحته أدى ركعات نافلة المغرب الأربع.

ثمّ أقمنا صلاة العشاء مع ركعتي نافلة.
بعد الصلاة صافحني سماحة السيد، وكان سماحته يرتدي عبائته وعمامته فانتهزت الفرصة ورتبت حذائيه.
ثمّ جلسنا لنكمل الحديث …

لقاء السيد حسن نصر الله مع صاحب كتاب زوال اسرائيل 1444 هجري 2022 ميلادي (الجزء الاول)

بعد انتهاء حرب تموز عام ٢٠٠٦ بثلاثة أيام، زرت مع مجموعة من المسلمين السنّة في أفريقيا الجنوبية الضاحية الجنوبية من أجل إيصال مساعدات مالية لحزب الله.
كان حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ علي دعموش -المسؤول عن العلاقات الدولية في حزب الله- والأخ رائد -مسؤول الشؤون الإفريقية- أوّل من التقينا وتعرّفنا عليهما.

سماحة الشيخ دعموش هو عالم ديني هادئ للغاية وفي منتهى الوقار وهو معروف بوزير خارجية حزب الله كما أنّه إمام جماعة لإحدى المساجد المعروفة في الضاحية الجنوبية، أضف إلى ذلك أنّه يفهم الفارسية بشكل جيد ويجيد التحدّث بها إلى حدّ ما.
كنا هيئة الإغاثة الأولى التي وصلت إلى لبنان ولا يزال أصدقاؤنا في حزب الله يتذكرون هذا الأمر.
بعد أن قدّمنا المساعدات كان طلبي الوحيد من الشيخ دعموش هو رؤية جمال وجه سماحة السيد.
وقد أقنعني حينها بأنّ ظروف سماحته الأمنية لا تسمح حالياً بأمر كهذا لكنه وعدني بأن يحدث ذلك في المستقبل.
بعد تلك الزيارة سافرت إلى بيروت عدّة مرات وكنت أطرح هذا الأمر في كلّ مرة لكنّ انشغالات السيد العديدة وضيق الوقت وعدم الإطلاع المُسبق الذي كنت مقصّراً فيه منعني من التوفيق للقاء السيد بشكل خاص.
لكنّ سماحة الشيخ دعموش بقي عند ”وعده الصادق“ بأنّ اللقاء سيتمّ إن شاء الله في الوقت المناسب.
طلبت منه يوماً أن يطلب من السيد إرسال رسالة خاصة بالمؤتمر الدولي ”صوت واحد مع الأقصى“ الذي كنت أرأسه، وعدني بأن يطرح الأمر مع السيد. بعد عدّة أيام أخبرني بأن سماحته وافق على إرسال رسالة للمؤتمر ومن المقرر أن يأتي الشيخ دعموش بنفسه كممثل لسماحته ويقرأ رسالته في المؤتمر.
كدت أطير من الفرح. لقد كانت المرة الأولى التي يتمّ فيها افتتاح مؤتمر برسالة من السيد حسن نصرالله.
حان اليوم الموعود، وتمّت قراءة رسالة السيد المؤلفة من ٤ صفحات في قاعة شمس بحضور آية الله صادق لاريجاني وكان لها انعكاسات كبيرة في وسائل الإعلام.
بعد المؤتمر أكّد سماحة الشيخ دعموش مرّة أخرى أنه لم ينسَ وعده لي وسوف ألتقي السيد إن شاء الله في الفرصة المناسبة.
لقد كان الأمر جديّاً أكثر من السابق وقال لي فلتنتظر اتصالاً قبل حلول شهر رمضان.
قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة اتصلوا بي وقالوا لي بأنّ برنامج سماحة السيد مضغوط جدّاً للأسف لكنّ اللقاء سيتم بعد شهر رمضان إن شاء الله.
قضيت شهر رمضان في أفريقيا الجنوبية، وبعد شهر رمضان تشرفت بزيارة مدينة قم. عندما كنت عائداً من قم يوم الجمعة وصلتني رسالة من سماحة الشيخ على تطبيق واتساب. كان قد كتب هذه الجملة: ”هناك طائرة قادمة يوم الإثنين من طهران إلى بيروت، تعال على متنها.“
يتبع …