وكالات : العنوان حقيقة علمية عن الكسوف الكلي الذي حجب الشمس عن كامل القسم الغربي من المحيط الهادي، وما فيه من دول، كما وعن جنوب شرق آسيا، وبدأ صباح الأربعاء 9 مارس الساعة 7 بتوقيت إندونيسيا، وظل يظهر في بعض أنحائها طوال 4 ساعات، إلا أنه انتهي الثلاثاء 8 مارس في الجانب الآخر من العالم، بعبور القمر لخط طولي على الأرض، منه يبدأ اليوم وفيه ينتهي، وبعبوره شرقا أو غربا تتغير التواريخ والمواقيت.
الخط وهمي، إلا أن دورة الحياة الأرضية تفقد أحد أهم أنظمتها ومؤشراتها من دونه، وفي كل ثانية، لأنه فاعل وموجود حقيقة وضروري لتحديد المواقيت، يسمونه International Date Line المعروف عربيا باسم "خط التاريخ الدولي" القاسم المحيط الهادي إلى شطرين، شرقي وغربي، وفق ما قرأت "العربية.نت" في موقع Timeanddate الخاص بمواقيت الدول والمواقع على الأرض.
وحرّم بابا الفاتيكان عبوره منذ قرون
يشرح الموقع، كما كثيرون من المختصين بالمواقيت، أنه إذا كان يوم دولة تقع شرق الخط هو الأربعاء مثلا، فإنه يكون الخميس في نظيرتها الواقعة في غربه، والعكس يقلب الأربعاء إلى الثلاثاء، ولو حتى بعبور سنتميتر واحد عن الخط، ثم يختلف الوقت في الساعة بمقدار الابتعاد، أي أن من يعبره بطائرة متجهة الأربعاء من دولة بشرقه إلى أخرى في غربه، ملزم بتأخير التاريخ في ساعته يوما كاملا، بمجرد مرور ثانية واحدة على عبوره للخط، وهذا بديهي ومعروف، فحين تكون 5 فجر الأربعاء 9 مارس في سيدني بأستراليا مثلا، يكون السعودي جالس يتناول عشاءه مساء الثلاثاء 8 مارس في جدة، حيث الفرق 8 ساعات بتوقيت المدينتين، إلا أن الخط الذي نتحدث عنه، يفصل ملليمتر واحد منه بين يوم وآخر بالكامل.
والخط المشير لتاريخ اليوم، يمر على آخر، يسمونه خط الطول 180 المار عند بلدة "غرينيتش" القريبة من لندن، مع تعرج لليمين أو اليسار، لتفادي جزر مأهولة بالسكان قدر الإمكان، كي لا يربك مواقيتها. وأول من لاحظ هذا الفرق هم ناجون من رحلة أطلعت "العربية.نت" على تفاصيلها في موقع "ويكيبيديا" المعلوماتي، المتضمن أن من حملهم معه فيها هو البحار البرتغالي الشهير فرننادو ماجلان (والصحيح ماغاليانس) حين دار بسفنه حول الأرض بدءا من 1519 وطوال 3 سنوات.
عبر أثناء رحلته من الأطلسي إلى المحيط الهادي، وحين عاد من كانوا يحصون الأيام أثناء ما اعتبروه مغامرة مذهلة ذلك الوقت، وجدوا اختلافا بيوم واحد بين حساباتهم ومواقيت إسبانيا، فحدثت بلبلة ونقاشات حادة، امتدت للشأن الديني نفسه، ووصل صداها إلى الفاتيكان، فخشي البابا أدريانو السادس "من عودة الإنسان بالزمن إلى الوراء" وحرّم عبور الأطلسي الى الهادي ثانية، حتى تغيرت حال العلوم واكتشفوا أن الشمس تشع على نصف الأرض وتغيب عن الثاني، هنا ليل وهنا نهار، ويوم كل نصف مختلف عن الآخر، مع أن الفرق الجغرافي بينهما أقل من ملليتر واحد.
عبر الأربعاء "خط التاريخ الدولي" وأصبح مرئيا الثلاثاء
وعودة إلى الكسوف الذي شهدته منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كليا أو جزئيا، وفق مدى رؤيته بين كلي بإندونيسيا وجزئي في البلدان الواقعة إلى الشرق والغرب منها، وعنه قرأت "العربية.نت" ما شرحه C. Alex Young العالم الفلكي بشؤون الشمس في "ناسا" الفضائية الأميركية لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أمس، بأن معاينة الكسوف "ستنهي يوما قبل أن يبدأ" شارحا أن عبور القمر "خط التاريخ الدولي" يؤدي الى رؤية الكسوف في يومين معا، أحدهما سابق للآخر في مكان، والثاني بعده في مكان آخر، حيث رأوا النهار يتحول إلى ليل عاينه الملايين من سكان إندونيسيا في بدئه الأربعاء، وفي نهايته رأوه الثلاثاء جزئيا في أماكن أخرى.
وللتلخيص، فإن القمر حين عبر بظله بين الأرض والشمس من شرق "خط التاريخ الدولي" الأربعاء 9 مارس، إلى غربه، وكان اليوم فيه الثلاثاء 8 مارس، شاهد الكسوف سكان في بعض أستراليا وجنوب شرق آسيا، كما في ولاية هاواي الأميركية، ورأوا هالة الشمس محجوبة بمرور القمر بينها وبين الأرض قبل أن يطل الأربعاء عليهم، وهو كسوف كلي وجزئي استمر بمجمله 5 ساعات و15 دقيقة، وعاينوه في المحيطين الهادي والهندي، الأربعاء في مكان وقبله الثلاثاء في مكان آخر.
وأكبر مثال واضح لما حدث مع كسوف شمس "الثلاثاربعاء" فلكياً، هي جزيرة Diomede الواقعة في منتصف مضيق "بيرنغ" الفاصل بين روسيا وولاية ألاسكا الأميركية، وهي صغيرة من قسمين: شرقي تابع للولايات المتحدة وغربي لروسيا، وبينهما فاصل جغرافي عرضه 1500 متر فقط، فإذا طلعت شمس يوم الجمعة عليها بروسيا مثلاً، يكون الخميس في أميركا. كما يشعر المسافر مثلاً من جزيرة Tonga وهي دولة غرب "خط التاريخ الدولي" إلى جزيرة Samoa وهي مملكة شرقه، أنه عاد إلى الماضي فعلاً، لأنه سيجد نفسه بعد ساعتي طيران يوم الأحد في "ساموا" وهو الذي غادر "تونغا" يوم الاثنين.